الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أَثر الفراشة الشاعر الراحل محمود درويش 13 آذار/ مارس 1941 - 9 آب / أغسطس 2008 أَثر الفراشة لا يُرَى أَثر الفراشة لا يزولُ هو جاذبيّةُ غامضٍ يستدرج المعنى و يرحلُ حين يتَّضحُ السبيلُ هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ أشواقٌ إلى أَعلى و إشراقٌ جميلُ هو شامَةٌ في الضوء تومئ حين يرشدنا إلى الكلماتِ باطننا الدليلُ هو مثل أُغنية تحاولُ أن تقول و تكتفي بالاقتباس من الظلالِ و لا تقولُ أَثرُ الفراشة لا يُرَى أُثرُ الفراشة لا يزولُ أَنت منذ الآن أَنت الكرملُ في مكانه السيِّد ينظر من علٍ إلى البحر و البحر يتنهَّد موجةً موجةً كامرأةٍ عاشقةٍ تغسل قَدَميْ حبيبها المتكبِّر ==== كأني لم أذهب بعيداً كأني عُدتُ من زيارة قصيرة لوداع صديقٍ مسافر لأجد نفسي جالسة في انتظاري على مقعد حجري تحت شجرة تُفَّاح ==== كل ما كان منفى يعتذر نيابةً عني لكُلّ ما لم يكن منفى ==== الآن الآن وراء كواليس المسرح يأتي المخاض إلى عذراء في الثلاثين و تلدني على مرأى من مهندسي الديكور و المصوِّرين ==== جرت مياه كثيرة في الوديان و الأنهار و نبتت أعشاب كثيرة على الجدران أَمَّا النسيان فقد هاجر مع الطيور المهاجرة شمالاً شمالاً ==== الزمن والتاريخ يتحالفان حيناً و يتخاصمان حيناً على الحدود بينهما الصفصافةُ العاليةُ لا تأبه و لا تكترث فهي واقفة على قارعة الطريق ==== أَمشي خفيفاً لئلاَّ أكسر هشاشتي و أَمشي ثقيلاً لئلاَّ أَطير و في الحالين تحميني الأرض من التلاشي في ما ليس من صفاتها ==== في أَعماقي موسيقى خفيَّة أَخشى عليها من العزف المنفرد ==== ارتكبتُ من الأخطاء ما يدفعني لإصلاحها إلى العمل الإضافيّ في مُسَوَّدة الإيمان بالمستقبل من لم يخطئ في الماضي لا يحتاج إلى هذا الإيمان ==== جبل و بحر و فضاء أطير وأسبح كأني طائرٌ جوّ مائي كأني شاعر ==== كُلُّ نثر هنا شعر أوليّ محروم من صَنعَة الماهر و كُلُّ شعر هنا نثر في متناول المارة بكُلِّ ما أُوتيتُ من فرح أُخفي دمعتي عن أوتار العود المتربِّص بحشرجتي و المُتَلصِّص على شهوات الفتيات ==== الخاص عام و العام خاص حتى إشعار آخر بعيد عن الحاضر و عن قصد القصيدة ==== حيفا يحقّ للغرباء أن يحبُّوكِ و أن ينافسوني على ما فيك وأ ن ينسوا بلادهم في نواحيك من فرط ما أنت حمامة تبني عُشَّها على أنف غزال ==== أنا هنا و ما عدا ذلك شائعة و نميمة ==== يا للزمن طبيب العاطفيين كيف يُحوِّل الجرح ندبة و يحوِّل الندبة حبَّة سمسم أنظر إلى الوراء فأراني أركض تحت المطر هنا و هنا و هنا هل كنتُ سعيداً دون أن أدري ==== هي المسافة: تمرين البصر على أعمال البصيرة و صقلُ الحديد بنايٍ بعيد ==== جمال الطبيعة يهذِّب الطبائع ما عدا طبائع مَنْ لم يكن جزءاً منها الكرمل سلام و البندقية نشاز ==== على غير هُدىً أمشي لا أبحث عن شيء لا أبحث حتى عن نفسي في كل هذا الضوء ==== حيفا في الليل انصراف الحواس إلى أشغالها السرية بمنأى عن أصحابها الساهرين على الشرفات ==== يا للبداهة قاهرة المعدن و البرهان ==== أُداري نُقَّادي و أُداوي جراح حُسَّادي على حبِّ بلادي بزِحافٍ خفيف وب استعارة حمَّالةِ أِوجُه ==== لم أَرَ جنرالاً لأسأله : في أيّ عامٍ قَتَلتَنِي لكني رأيتُ جنوداً يكرعون البيرة على الأرصفة و ينتظرون انتهاء الحرب القادمة ليذهبوا إلى الجامعة لدراسة الشعر العربي الذي كتبه موتى لم يموتوا و أَنا واحد منهم ==== خُيِّل لي أن خُطَايَ السابقة على الكرمل هي التي تقودني إلى حديقة الأم و أَن التكرار رجع الصدى في أُغنية عاطفية لم تكتمل من فرط ما هي عطشى إلى نقصان متجدِّد ==== لا ضباب صنوبرة على الكرمل تناجي أَرزة على جبل لبنان : مساء الخير يا أُختي ==== أعبُرُ من شارع واسع إلى جدار سجني القديم و أقول : سلاماً يا مُعلِّمي الأول في فقه الحرية كُنتَ على حق : فلم يكن الشعر بريئاً في أمان الله !